القائمة الرئيسية

الصفحات

أورخان بن عثمان، المؤسس الحقيقي للدولة العثمانية

أورخان 



فلقد كانت اوروبا المساحة الجغرافية متروكة لصاحب تدبير ذكي و دو القوة العسكرية ليفرض سلطته عليها، ومن هذه المنظمة بدأ تأسيس  الدولة العثمانية.
في هذا المقال سوف نتعرف على أورخان غازي بن عثمان.

كانت منطقة الأناضول وشرق أوروبا وغرب آسيا مسرحاً لأحداثٍ كبيرة، في القرنين 13 و14 الميلادي، فدولة السلاجقة على أعتاب تهاوي وفقدان قوتها ، والدولة البيزنطية قد انشغلة بصراعاتها الدينية مع إخوانها المسيحيّين، واما الإمارات الأناضول الصغيرة فلقد سعت للاستحواذ على أكبر قدرٍ ممكن من الأراضي و المناطق، وهنا برز دور ثاني سلاطين الدولة العثمانية أورخان غازي إبن عثمان الأول ، .
وبعد وفاة الغازي عثمان الأول على أعتاب مدينة بورصة
ورث عثمان غازي من والده أرطغرل بن سليمان شاه القايوي إمارة حدودية صغيرة كانت مساحتها ما يقارب 5 آلاف كم، وهي مساحة قليلة للغاية مقارنة بمساحة الإمارات الأناضولية والحدودية في ذلك الزمان. ولذلك فقد ركّز الغازي عثمان بأن  يوسّعاته في الحدود البيزنطية، رافعاً راية الجهاد في سبيل الله، ومبتعداً عن الصراعات الإسلامية بعيداً عن الحدود، توفي عثمان وقد وصلت مساحة أراضيه إلى 16 ألف كم، وهي الإمارة التي ورثها إبنه أورخان .

كان عثمان الأول قد حاصر مدينة بورصة، وهي مدينة كبيرة  في ذلك الزمان، مقارنةً بالمدن التي كان سيطر عليها ، فقد حاصرها منذ 10 سنوات تقريباً لكنّه فشل في فتحها، وحين فاجأه المرض ترك قيادة  لإبنه أورخان غازي. فلقد أختلفة المصادر التاريخية ما إذا كان أورخان فتح مدينة بورصة في أواخر أيام والده أم أنه فتحها بعدما أصبح أميراً، لكنّ الثابت أنّه فتحها في أول سنتين من حكمه، سنة 1326م.

وكان أورخان أصغر من اخيه علاء الدين، وكانت بعض المصادر التاريخية  تختلف حول حصول أورخان غازي على الإمارة بعد وفاة والده عثمان الأول، لقد أعتمدت المصادر البيزنطية رواياتٍ أنّ أورخان قَاتَل إخوته واستولى على العرش، بينما اعتمد أوائل مؤرخي الأتراك المسلمين على رواية أنّ والده عثمان الأول أوصى بالإمارة له، وتخلّى له أخوه الأكبر علاء الدين عنها، واكتفى برئاسة الوزارة، وهو الذي نظّم شؤون الإمارة المدنية، ويعتبر علاء الدين أوّل "صدر أعظم" في التاريخ العثماني.

البداية الحقيقية لتأسيس الدولة العثمانية

تولّى أورخان غازي إمارة أبيه وهو في سن 41 عاماً، وافتتح عهده بالسيطرة على مدينة بورصة، التي جعل منها قاعدة حكمه، ومرتكز لجيوشه، وبعد بعض الوقت يتم إعلانه أورخان  الأهمّ أنّه وريث دولة السلاجقة التي أصبحت من الماضي.

ولقد اختلفت مواقف إمارات الأناضول من إعلان أورخان ذلك القرار، بسبب أنّ إمارته لم تكن الأقوى في دلك الحين ، لكنّه استمرّ في عمليّات  العسكري لفتح لمُدن وأراضي بيزنطية، ما أكسبه احتراماً وشرعيّةً كبرى أمام الإمارات الأناضولية التركمانيّة الأخرى التي لم تكن راضية .
وبعد فترة فتح أورخان غازي مدينة إزنيق، وهي من أكبر مدينة أو ربما أهمّ من مدينة بورصة، وكان حصاره  لمدينة بورصة وفتحها قد أكسبه الخيرة و العديد من المهارات ونوعيات الأسلحة التي قد يستخدمها في الحصار.

وبعد هذه الفتوحات هبّ الإمبراطور البيزنطي  أندرونيقوس 3 لمحاربة أورخان بن عثمان الأول، والتقيا في معركة پيليكانون، وهذه المعركة كانت لها تأثير  في تأسيس الدولة العثمانية، فقد انهزم جيش البيزنطيين وأصيب الإمبراطور ، واستطاع أورخان غازي بعد هذا النصر العظيم إحكام سيطرته على آسيا الصغرى، وهو ما كان سببا بتخلِّي البيزنطيين عن سيطرتهم هناك، فقد أورخان في هذه المعركة 275 جندياً فقط من جيشه .
وبعد هذه المعركة العظيمة ، حصل أورخان على ألقابٍ عديدة و جديدة "سلطان" و "سلطان الغزاة" و "غازي ابن غازي".

تأسيس جيش الدولة العثمانية.." الانكشارية "

لم يكن للدولة العثمانية حتى الآن جيش نظامي بالمعنى المألوف، فقد كان السلطان أورخان ووالده عثمان الأول يعتمدان بالأساس على مقاتلي قبيلتهم وجنود الإقطاع،  وهذه الطريقة تتمثل في إقطاع المقاتلين منطقة زراعية مما يزرعونها ويحصدونها، شريطة أن يكونوا تحت اهب الاستعداد في حالة الحروب، لكنّهم  كانُ يتسبب له في مشاكل كثيرة، خصوصاً اذ كانت هذه الحروب بعيدة جدا عن تلك الأراضي او المناطق.

وهكذا اقترح أحد الاشخاص المقربين من السلطان أورخان عليه أن يبدأ في تكوين قوّةٍ عسكريةٍ مختلفة لم يسبق  لأحدفي تركيبتها، بأن يتم عزل الأطفال الأسرى في معسكراتٍ خاصّة، يتم تعلّيمهم  وتربّيتهم على الدين الإسلامي، وأن يكون ولاؤهم فقط لسلطانهم ولدولتِه فقط، لأنهم جنودٌ بلا انتماءاتٍ  قبلية عشائرية قد تعيق  في ولائهم.

ومن هنا بدأ الغازي أورخان في تأسيس هذا الجيش الانكشارية، الذي أصبح صيته و له قوّة ضاربة في أوروبا وآسيا على حد السواء، وصارت سمعته العسكرية ترعب أعداء الدولة العثمانية، وأصبح للانكشارية دورٌ هام وأضخم  مع صعود ابنه السلطان مراد الأول للحكم، وبعد مرور الوقت تغيّر الانكشارية مع مرّ العصور، وبدلاً من أن يكونو طليعة الجيوش الإسلامية في الجهاد في سبيل الله ، أصبحوا شوكة في حلق الدولة العثمانية، إلى أن تم التخلص من الجيش الانكشارية من  السلطان محمود الثاني في القرن 19.

أورخان أوَّل سلاطين العثمانيين

يعتقد الجميع أنّ اول سلطان  للدولة العثمانية هو الغازي عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه القايوي، باعتباره مؤسس السلالة العثمانية، لكنّ عثمان غازي لم يُلقّب بالسلطان في حياته أبدا ، وإنّما لقّب بالسلطان بعد موته ، لكنّ إبنه أورخان أصبح سلطاناً في حياته، بعدما استطاع توسيع أراضيه و إمارته الى 6 أضعاف ما ورثه من والده عثمان الأول.
فإمارته الآن أصبحت دولة حقيقية مترامية الأطراف، فهي 95 ألف كم، وهي تشمل بورصة وبالكسير، وجزر مرمرة، والشق الآسيوي من إسطنبول، فلقد أصبح جيش أورخان أكبر جيوش في الاناضول والمنطقة الحدودية التي تتمركز فيها دول العثمانية فقد أصبح تعداد جيشه -بعد سنوات قليلة من حكمه- مئة و خمسة عشر ألف جندي، ومع مرور الوقت قام بالسيطرة على عدّة إمارات وأراضي في الاناضول ، ولهذا زاد جيشه بأسطول عثماني بحري ، وهو أوّل من بدأ معارك بحرية من عائلة العثمانية.

فكانت بدايات دخول الجيوش العثمانيين أوروبا بين عامي 1353 و1357، عندما تحالف أورخان الغازي  مع الإمبراطور البيزنطي، وقد كان الإمبراطور يواجه مقاومة  من بعض أمراء دول البلقان، وخصوصاً أمراء  دول الصرب والبلغار، فبدأ نقاش مع الغازي أورخان في دعمه له بجيوش العثمانية بالقضاء  والتغلُّب عليهم، فوافق أورخان بن عثمان وأرسل ابنه سليمان أول الأمر 6 آلاف جندي عثماني.

ومن خلال هذه السنوات كان شاهزاده سليمان -ولي العهد- يسير عبر الأراضي البيزنطية ليحارب أمراء دول البلقان ويعود منتصرا، واعترافاً بفضل ولي العهد سليمان الأول منحه الإمبراطور  قلعة "جمبة" الواقعة على الضفة الأوروبية.

بالطبع يعتبر العبور  الى بلاد الروم ودخول العثمانيين أوروبا هيا من أحد أهم الوقائع التاريخية المهمّة في التاريخ الإمبراطورية العثمانية ، فهو الحدث الذي أمّن تأسيس الدولة العثمانية في أوروبا من ناحية الأولى، ومن ناحية تانية فقد غيّر بشكلٍ مباشر التاريخ الأوروبي وكذلك مصير الدول الأوروبية .

توفي الغازي أورخان  سنة 1362م،  -لقد توفي ابنه سليمان سابقاً- بعدما ترك لإبنه مراد الأول دولةً مترامية الأطراف، فتيّة، بجيشٍ هو الأقوى في منطقته، ليستطيع ابنه مراد بعد ذلك السيطرة على بلاد البلقان ، وتثبيت جدوره في أوروبا وأقدام أحفاده طيلة 500 سنة


تعليقات